الجواب : المنهجية العلمية تقتضي النظر في أمور مهمة قبل رد الحديث وإنكاره أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الشروط هي:
الشرط الأول : المناقضة التامة بين ما ورد في الحديث وما ورد في القرآن الكريم من نص واضح الدلالة غير منسوخ واؤكد هنا على قيد " المناقضة التامة " وليس مجرد تعارض ظاهري يبدو في ذهن الناظر العجل لأن غالب التعارض الظاهري الذي يعرض في أذهان كثير من الناس لا حقيقة له وإنما هو ظنٌّ قائمٌ في ذهن المعترض يمكن بالتأمل وتلمس أوجه اللغة والمعاني الجواب عليه وبيان موافقته لأصول الشريعة ومقاصدها.
الشرط الثاني: وجود حلقة من حلقات الضعف الإسنادي التي تتحمل الخطأ الوارد في المتن يقول الإمام الشافعي رحمه الله وهو من هو في منازل العلم والإيمان وهو أول من صنف في علم أصول الفقه " الحديث إذا رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك ثبوته "( ) ويقول " لا يُستدل على أكثر صدق الحديث وكذبه إلا بصدق المُخْبِر إلا في الخاص القليل من الحديث ( )" . إن أول ما يجب على من رد حديثا مسندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبحث ويفسر من هو الراوي الذي أخطأ في نقله هذا الحديث فإذا لم يجد المُنكِرُ سببا إسناديا مقبولا لإنكاره الحديث فذلك علامة على خطأ منهجيٍّ وهو علامة أيضا على ضرورة مراجعة فهم الحديث والقرآن والمقاصد الشرعية فكيف إذا كان الحديث واردا بأصح الأسانيد على وجه الأرض بل كيف لو كان الحديث قد ورد بطرق كثيرة جدا .
الشرط الثالث : نسبة الأمر كله إلى الاجتهاد المحتمل ونبذ أساليب الجزم والحسم واتهام المخالف والطعن في عقول المسلمين وهذا فيما إذا كان هناك وجه لهذا الاحتمال وكان من يتكلم في هذا مؤهلا ـ بأدوات البحث اللازمة ـ لإدراك ذلك والبحث فيه فقد يبدو لأحد العلماء ضعف حديث معين لعلة معينة ولكنه لا يستعمل لغة الاتهام لكل من قبل الحديث .
فمن خالف هذه الشروط الثلاثة وأصر على إنكار الحديث وتكذيبه فهذا على خطر عظيم إذ لا يجوز للمسلم أن يتأول متهجما من غير شروط ولا ضوابط وإلا أثم ووقع في الحرج يقول الإمام أحمد رحمه الله " من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة "
فالحديث إذا توفرت فيه شروط الصحة المعروفة عند أهل العلم وجب قبوله فإن كان مع هذا ثابتا في الصحيحين أو أحدهما تأكد الأمر لأن الأمة تلقت أحاديثهما بالقبول فإنكاره ـ عندئذ ـ بدعة وضلالة ومكابرة قال الامام النووي رحمه الله في شرح الامام مسلم اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب ـ بعد القرآن العزيز الصحيحان(البخاري ومسلم) وتلقتهما الأمة بالقبول وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة) .