الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه الكريم(مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) والصلاة والسلام على حبيبنا محمد القائل(إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى، ما كان يظنُّ أن تبلغ ما بلغت، يكتُبُ الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلَّم بالكلمة من سخط الله، ما كان يظنُّ أن تبلغ ما بلغت، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه) وعلى اله وصحبه وسلم وبعد:
بعد عام 2003 شهد العالم احداث جسيمة وطفرة نوعية فيما يسمى بالديمقراطية او التطور او الحرية وغيرها من العبارات الحديثة ،حيث شهدت جميع الجوانب تغيرات وتطورات سريعة جدا ، ومنها الجانب الاعلامي حيث برزت العشرات او المئات من القنوات الفضائية وشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل الاعلامية وساعد على ذلك التطورات التقنية والتكنلوجية وتوفر الاجهزة الالكترونية الحديثة ولكل منها ايجابياته وسلبياته ،ولكن ما احببت الحديث عنه هو ظهور العشرات من الشخصيات على شاشات الفضائيات تحت مسمى(محلل سياسي – خبير استراتيجي –خبير باختصاص معين) وغيرها من المسميات، وكلامي في الاسطر القادمة ليس نقدا لاحد بل نصيحة من اخ محب يريد الخير والصلاح للناس ، فبعيدا عن موضوع الاتهامات التي توجه للأخوة المحللين او الخبراء اود ان اذكرهم بأن هناك في الانسان (النفس – الروح) وكل منهما بحاجة الى غذاء معين، فالنفس صاحبة الشهوات الدنيوية والروح صاحبة الغذاء الرباني فلابد من عمل موازنة لهما في التحليلات ، فعندما نسمع اغلب التحليلات السياسية للأحداث اليومية التي تجري في العراق او العالم العربي او العالمي نجدها تحليلات تغذي النفوس اما بأخبار سيئة او غير دقيقة، ولا يعلم المحلل او الخبير بأنه بتحليله وبكلماته السلبية التي ينطقها على شاشات الفضائيات او كتاباته في مواقع التواصل الاجتماعي قد دمر العديد من العقول والافكار وبعثر الكثير من الحسابات في استقرار العوائل وراحتهم ،لان اغلب الناس يسمعون فلان وعلان ويؤمنون بما يسمعون ولا يعلمون بانه (تحليل) وتوقعات قد تكون صحيحة او غير صحيحة ولكن الغالب منها غير صحيح، فمع احترامي لمن يؤمن بتخطيط واستراتيجية اعداء الاسلام والامة العربية فاني اقول له بيقين (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)) سورة الانفال ،فلا تخف ولا تحزن فأننا منصورين بالله مؤيدين بحفظه وستره وجوده وكرمه وبنصره القريب (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)) سورة الروم (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾سورة آل عمران (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾سورة النور (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾سورة هود (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾سورة محمد بهذه الآيات القرآنية وبهذه المفاهيم والمبادئ تتغذى ارواحنا لتتحول حياتنا من السلبية الموجودة في التحليلات السياسية المغذية للنفس الى الروحانية الايجابية التي بها نستطيع ان نعيش حياتنا ،ولا يشترط ان تكون التحليلات بطابع اسلامي بل ممكن ان يكون المحلل ماهرا بتحليله بحيث يستطيع صياغة الاحداث بشكل مقبول وايجابي مبشرا لا منفرا ،وحتى الحدث السلبي يمكن للمحلل او الخبير ان يصوغ كلماته وعباراته بشكل جيد غير منفر او مؤذي لقلوب الناس ، فحال الناس لا يخفى على احد، فالقلوب مليئة بالهموم والاحزان فلنتقي الله بهم ونخفف عنهم ،وعلى المحلل او الخبير ان يبتغي وجه الله في كلامه لا من اجل اغراض اخرى حتى يدخل كلامه للقلوب فالكلام الصادق الذي يخرج من القلب يدخل الى القلب بسلاسة ،فالمحلل او الخبير اما ان يكون انسانا ناصرا لقضيته وامته بشكل ايجابي يشد من عضد الامة ويرفع من همتها ويثبت فيها روح المطاولة او ليبتعد من هذا الامر لكي لا ينال سخط الله واثم من يستمع له ويصدق بكلامه ، اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه.