قال تعالى {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }الرعد11
المسؤولون في الدولة والاغنياء يصرفون الملايين من الدولارات، ويسرفون في انفاق اموال المسلمين من اجل حماية انفسهم وتامين امنهم، ويجيشون العشرات بل المئات من الناس لحمايتهم وحماية امنهم ومصالحهم ،وينفق الانسان خلال حياته الكثير من الاموال لحماية وصيانه نفسه من الامراض او اي شيء يؤذيه ، ويعمل الاب والام بكل ما يستطيعون لحماية وحراسة ابناءهم من اي ضرر قد يصيبهم، فانفاق الاموال والحرص على الاولاد وغيرها من الامور كلها من اجل امر دنيوي، ان كل من ورد ذكرهم يقومون بأمور الحراسة مع الاعتقاد الكامل والايمان الجازم بان هذه الامور التي يقومون بها هي التي تحميهم وتحرسهم ونسى او تناسى الناس وهم المخلوقين بان الذي خلقهم لم يخلقهم لكي يعذبهم او يتعبهم او يؤذيهم بل خَلقهم لكي يُسعدهم فوفر لهم كل وسائل السعادة من اكل وشرب ووسائل نقل وملبس وكل ما يساعد الانسان في ان يكون سعيدا في حياته، ولو كتبنا في موضوع نعم الله على عباده ما استطعنا احصائها وعدها ويكفينا قوله تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }النحل 18 وكذلك قوله تعالى: {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}إبراهيم34 ومن فضل الله ونعمته على الناس هو توفير الحماية لهم حيث خصص الله ملائكة واجبهم الاساسي هو حماية الانسان مما قد يجري عليه من التقديرات الالهية هذا هو معنى قوله تعالى(لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ) وليس ذلك فقط بل إن الله تعالى يبين لنا في كتابه الكريم بوجود جهاز امني يحفظ لنا شيء اخر الا وهو أمن تعدد اللغات التي يتكلم بها الإنسان حيث نرى حفظ الله لعقل الانسان من اختلاف وتشابك الاحرف في عقله بتعدد اللغات التي يحفظها وقد اثبتت الدراسات الحديثة بأن جميع لغات العالم تتجمع بالجانب الايسر للعقل على شكل نقاط واللغة العربية تكون بالجانب الايمن من العقل لوحدها كرامة لها ولمكانتها العظيمة عند الله سبحانه وتعالى، وهذا الامر من الأدلة التي تدل على وجود الله تعالى، قال الله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ}سورة الروم.
فلابد ان يكون لنا عقيدة كاملة بأن الحافظ هو الله وحده ،فاذا تكاملت هذه العقيدة اصبحت القدرات التي تجري يوميا على الانسان شيء طبيعي يتلذذ بها المؤمن لأنه مؤمن ومتيقن بأن المقدر هو الله ،وهذا معنى قوله تعالى(إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) اي ان الله سبحانه وتعالى عندما يرى عبده وقد تغير من حال الضلالة الى حال الايمان والذكر فانه يدفع عنه القضاء المقدر عليه ببركة ذكر الله وكثرت الدعاء لان قدر الله اذا اراد ان ينزل لا يمنعه احد لا نبي ولا ملك مقرب، فلا والي للإنسان الا الله، فهو نعم المولى ونعم النصير وهذا معنى قوله سبحانه وتعالى(وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ) اما الثمن الذي ندفعه مقابل عمل الملائكة واداء واجبهم اتجاه حفظنا فهو ذكر الله وكثرت الدعاء لأننا نرى ان الله سبحانه وتعالى يعلمنا في الآية الرابعة عشر من سورة الرعد {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ}الرعد14 بأن ندعوه سبحانه لأنه لا يستجيب للدعاء ولا احد يعطيك ما سئلت الا هو سبحانه فقبل هذه الآية يذكرنا سبحانه بنعمه علينا التي لابد ان نتفكر بها لكي نؤمن به{هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ*وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ}الرعد13 ملخص ما مضى:
1.ان المسلم لابد له مهما ابتعد ومهما نسى او تناسى ان الله سبحانه وتعالى هو من انعم عليه بكل النعم التي هو فيها، وهذا الايمان لابد من ان يكون قلبي لا كلامي ،يكون عملي لا قولي، وذلك بطاعة الله والتزام اوامره، ورد الفضل لصاحب الفضل فالله سبحانه هو المتفضل علينا.
2.ان الله سبحانه وتعالى خلقنا ليسعدنا لا ليتعبنا او يشقينا او يعذبنا {مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً }النساء147
3.ان ذكر الله سبحانه وتعالى وكثرت الدعاء هما السبب الرئيسي لعمل الملائكة الحفظة الموكلين بحفظ الانسان فبدلا من الملايين والمليارات التي تنفق من اجل السلامة فلنملئ قلوبنا بالأيمان بمن يحفظنا ويحمينا الا وهو خالقنا العظيم جل جلاله.
4.الدعاء يرد القضاء، فكثرت الدعاء والانابة الى الله هي التي نفعت قوم سيدنا يونس عليه السلام قال تعالى {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ }يونس98 فقد أخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن ماجة والحاكم عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر) الدر المنثور - (ج 1 / ص 392) وروي أَنَّ سيدنا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَإِنَّ الْحَذَرِ لا يَرُدُّ الْقَدَرَ وَإِنَّ الدُّعَاءَ يَرُدُّ الْقَدَرَ وَذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ: " إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ ") الآيَةَ" تفسير ابن أبي حاتم - (ج 8 / ص 99)
فسبحان الخالق العظيم الذي احسن خلقنا ووفر لنا من يحمينا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم