مركز المفكر للدراسات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مركز علمي متخصص بالدراسات وبكافة المجالات العلمية يضم نخبة من العلماء والكفاءات والمفكرين


    حب الظهور يقصم الظهور ... الشيخ / جنيد معروف

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 134
    تاريخ التسجيل : 21/04/2020
    العمر : 50

    حب الظهور يقصم الظهور ... الشيخ / جنيد معروف  Empty حب الظهور يقصم الظهور ... الشيخ / جنيد معروف

    مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء أبريل 28, 2020 12:05 am


    قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [131طـه] إن الإسلام بطبيعته المعتدلة يريد لأفراده أن يكونوا صالحين متوازنين لا يغترون بالدنيا أو تتعلق بها قلوبهم، فما مد أحدٌ عينيه إلى متاعها إلا واشرأبت نفسه وقارب الفتنة أو حام حول حماها، والسعيد من جعلها مطيةً للآخرة فصارت له دار ممر لا دار مقر ، ان حب الجاه والشهرة يفسد الدين فقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلـم قالSadمَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ، بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ) ،قال أحمد بن حنبل رحمه الله لما بلغه مدح الناسSadيا أبا بكر –تلميذه- إذا عرف الرجل نفسه فما ينفعه كلام الناس)، ومن الاغترار بالدنيا السعي خلف الشهرة وبريقها، فكثير من الناس تتوق نفسه إلى أن يُشار إليه بالبنان أوأن يكون هو حديث المجالس أو أن يُسمع قوله أو يُكتب، لذا قد يسعى بعضهم بكل سبيل إلى تحقيق ذلك ولو على حساب مخالفة الدين والأخلاق، إذ من خصائص الشهرة أنها تؤز المرء إلى المغامرة أزًّا، ويدعى إلى تبرير كل وسيلة موصلة إليها دعّا، وهنا مكمن الخطر ومحمل الشوك الذي لا ينتقش ،لذا حذر الاسلام من حب الشهرة والظهور الداعي النفوس المريضة إلى تعلق القلب بتأسيس بنيان السمعة على شفا جرفٍ هار أو الإعداد لرفع الظمأ من سراب بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، فالبحث عن الشهرة خلل في العقيدة، وانقلاب في مفاهيم الغاية البشرية في الوجود ونكسة في ترتيب الاهتمامات فهو الصورة التطبيقية للرياء المحبط للأعمال في ميزان الشريعة فقد َقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رحمه الله( كُلّ شَيْء صَيَّرَ صَاحِبه شُهْرَة فَحَقّه أَنْ يُجْتَنَب) أما من اشتهر بالعلم والزهد والورع ونيته صالحة وعمله خالصًا لوجه الله فإنه خارج عن هذه الدائرة ولكن الواجب عليه أن يتفقد حال قلبه بين الفينة والأخرى وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين يفرون من الشهرة وعدم الإخلاص لله في الأقوال والأفعال كما تفر الفريسة من الأسد، فهذا بُريدة بن الحصيب رضي الله عنه يقولSadشَهِدْتُ خَيْبَرَ، وَكُنْتُ فِيْمَنْ صَعِدَ الثُّلْمَةَ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى رُئِيَ مَكَانِي، وَعَلَيَّ ثَوْبٌ أَحْمَرُ، فَمَا أَعْلَمُ أَنِّي رَكِبْتُ فِي الإِسْلاَمِ ذَنْباً أَعْظَمَ عَلَيَّ مِنْهُ - أَيْ: الشُّهْرَةَ) وقال سفيان الثوري رحمه الله(إياك والشهرة فما أتيت أحدًا إلا وقد نهى عن الشهرة)وقال إبراهيم بن أدهم رحمه اللهSadما صدق اللهَ عبدٌ أحب الشهرة) وهكذا مضى السلف الصالح على هذا المنهاج وكان هذا دينهم وديدنهم، فأين هذا من أقوام غلبهم حب الشهرة وظنوا أن التفاضل بكثرة المعلومات وكثرة المحفوظات وبالثناء وبانتشار الذكر حتى سجل التاريخ عليهم أيضًا عارًا وشنارًا، فالشهرة حين تصير غاية في ذاتها فمعنى ذلك تفشي الكذب والنفاق والخديعة والتصنع، وغياب القيم الحقيقية التي لا تنتج الإبهار، ومعرفة الناس الشهرة تعنى سقوط النماذج الحقيقة ليبرز مكانها البالونات الكاذبة والسراب المضلل، فليس كل مشهور ناجحًا أو ناجيًا عند الله تعالى، وليس كل مغمور فاشلاً أو متأخرًا ،والشهرة يجب ألا تكون هدفًا في ذاتها بل يمكن أن تكون نتيجة للأعمال الصالحة أحيانًا، فعلى من ابتلي بها الصبر والمجاهدة ومدافعتها قدر الإمكان دون الإخلال بوظيفته الصالحة في الحياة ، فمن عمل صالحًا وعافاه الله وكان مغمورًا فليعش في جنة الدنيا وليبق حرًا طليقًا، ولا يدخل إلى أقفاص المراقبة البشرية، ففي جنة الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وإذا رأيت مشهورًا فقل الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك وفضلنا على كثير من عباده تفضيلا.





      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 5:38 pm