مركز المفكر للدراسات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مركز علمي متخصص بالدراسات وبكافة المجالات العلمية يضم نخبة من العلماء والكفاءات والمفكرين


    وظيفة التلفاز في التنشئة الاجتماعية ... الدكتور / فؤاد العاني

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 134
    تاريخ التسجيل : 21/04/2020
    العمر : 50

    وظيفة التلفاز في التنشئة الاجتماعية ... الدكتور / فؤاد العاني Empty وظيفة التلفاز في التنشئة الاجتماعية ... الدكتور / فؤاد العاني

    مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء أبريل 28, 2020 12:22 am


    كثرت التساؤلات حول تأثير الاعلام في المجتمع أو الجماهير وحول أهمية وجود وسائل الاعلام في المجتمع، ومعلوم أن وسائل الاعلام والاتصال كثير ومتعددة حتى وصلت تقنياتها اليوم الى وسيلة التواصل الاجتماعي عبر الانترنت وجهاز الجوال ،وبما أن المقام هو مقام كتابة مقالة لا بحثا عن تأثير تلكم الوسائل في المجتمعات . ولكون وسيلة التلفاز هي صاحبة القدح المعلى في التأثير فسيكون الكلام عنها بهذه الاشارة او اللمحة المختصرة أذ أن قدرته التأثيرية على المجتمع او الجمهور المتلقي للرسائل الاعلامية لا تحدها حدود وكأننا نعيش لا نقول في قرية صغيرة إنما نحن في بيت واحد ،ولا شك فإن الطفل يتعرض للأعلام بمختلف وسائله وأبرزها التلفاز ،كأحد أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية التي تسعى الى تدريب الصغار على سلوكيات اجتماعية معينة ،غالبية الدراسات المتخصصة تؤكد أن الاطفال يتأثرون في تنشئتهم الاجتماعية سلبا أو ايجابا فهم يتعلمون مما يشاهدونه من خلال نوعي السلوك الاجتماعي الايجابي والسلبي والسلوك الذي يتعلمه الأطفال من خلال مشاهدة التلفاز ليس من الضروري أن يصدر منهم أثناء المشاهدة أو بعدها مباشرة ، حيث أن الاطفال يكتسبون السلوك ويظل معهم ليظهرونه حينما تتوافر الشروط المناسبة لإظهاره أو يتعرضون لمواقف تستدعي ذلكم الأظهار ، ويذهب ذوو الاختصاص الى أن التلفاز يعد قوة هائلة من قوى التنشئة الاجتماعية ، بل ويتنافس مع القوى الأخرى ،كأولياء الأمور والمعلمين وغيرهم من وسطاء أو وكلاء التنشئة والتربية الاجتماعية، هناك دراسات علمية أفادتنا بأن كثافة مشاهدة التلفاز من قبل الاطفال والشباب تحتل المرتبة الاولى تعقبها القراءة ثم اللعب ثالثا ما يؤكد أن المشط الرئيس الذي يستحوذ على الناشئة(ذكورا وإناثا) كما هي تشكل ظاهرة عالمية لا تنحصر بمجتمع دون آخر ..وأن مشاهدة التلفاز تستنفد جزءا كبيرا من أوقات فراغهم، وهنا تنبري قضية خطيرة ذات صلة بالتربية والتنشئة الاجتماعية، فمنشط اللعب مع الاقران يعد عنصرا مهما من عناصر التنشئة الاجتماعية والنفسية والتربوية للصغار وتجاهلها يعني خللا مباشرا في شروطها ، وبالتالي فشلها في بلوغ غايتها ،ما يعني هنا: أن عزوف الآباء عن الاشراف على توجهات أبنائهم وسلوكهم وتصرفاتهم لا يتفق والتنشئة الاجتماعية فالآباء مطالبون بتحمل مسؤولية رعيتهم وتوجيه سلوك أبنائهم نحو المسار الصحيح الذي يتسق وقيم واعراف وتقاليد المجتمع السائدة (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)،ولقد بات واضحا لكثير من المختصين والاجتماعيين : أن ما يتعلمه الصغار من سلوك خلال ما يشاهده يفوق ما يتعلمه من المدرسة ، لارتباط ما يتعلمه من سلوك ومعرفة وتصرفات لشخصيات الممثلين الذين يراهم، أكثر من ارتباطه بالواقع العملي الفعلي هذا فضلا عما للتلفاز - كأداة للتنشئة والتربية الاجتماعية- من تأثير مهم وقوي على الصغار بما يزودهم من الخبرات الحياتية والمفردات اللغوية ، وسلوك الاتصال والتواصل الاجتماعي ويجعلهم ينفتحون على العالم من حولهم حتى قبل أن يتعلموا القراءة والكتابة .
    كيف يؤثر التلفاز اجتماعيا وألى أي مدى يؤثر
    لقد استطاع التلفاز تفكيك الاطر التي كانت قد تحددت من خلالها مكونات الشخصية الانسانية ، وأقام على أطلالها أسسا جديدة يستطيع بها الاستحواذ التام على مشاهديه وتربيتهم على عينة ، فهو المحدد لاتجاهاتهم ووعيهم ، بل الذي يختار ثقافتهم ومعلوماتهم.. فيزودهم بما يراه مناسبا لغرضه ، ويحجب عنهم ما لا يحقق ذلك ، فهو القيم عليهم والوصي على عقولهم وافكارهم.
    إذن ..يمكننا القول هنا : إن كان للتلفاز إيجابيات لا تنكر ألا أنه - فيما يخص الناشئة'- لا يخلو من السلبيات ، بل سلبياته كثيرة أذا ما ترك الناشئة دون تحصين ورقابة وتوجيه من قبل الآباء والمربين..
    فالتلفاز يشجع على السلبية . إذ أن المشاهدة لا تتطلب أي جهد من قبل المشاهد ، وتقدم له الافكار جاهزة ما يعني تعوده على التكاسل. ساكتا يتقبل ما يعرض عليه دون القيام بأي منشط أيجابي..ويدرب مشاهديه على أن يكونوا أمعات يتوجهون مع التيار حيثما أتجه..لا رأي لهم ، يرددون ما يسمعون ويروون ما يشاهدون بلا ارادة حرة او توطين للنفس واستقلالية للذات.. أما الذين يحترمون ذواتهم ويوطنون أنفسهم من المشاهدين الكبار ، فإنهم وإن عاشوا في صراع دائم مع ما يشاهدون على الشاشة ، فما وقر في قلوبهم من محبة الحق والثدق وجعلوا لأنفسهم قدرا من الكرامة والتزموا بثوابت دينهم وامتهم تحفزهم على مواجهة الباطل ورفض واستنكار ما يهدف اليه من أهداف، وبذلك يفقدهم التلفاز سعادتهم ويزيد من إنفعالاتهم.
    والمحصلة :أننا لو تركنا تلكم الآلات تتحكم فينا فسوف نتحول الى أمة نصفها ممن هم في سن العاشرة ، والنصف الآخر من أناس يعملون بطريقة آلية..
    وأذا ما عدنا الى إثار التلفاز السلبية بجانبها الاجتماعي والقيمي ،فأنها تتجاوز تلكم الآثار لتشمل الجانب الصحي والبدني لجسم الانسان، فهو يؤثر سلبا على أعضاء جسم الانسان وحواسه بسبب ما يبثه من اشعاعات على البصر واعصابه وتغيرات في الجلد وتغييرات في الصفات الجينية والوراثية .

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين نوفمبر 25, 2024 5:56 pm