1. التضحية من اجل رفع اسم الاسلام : عندما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة كان ينوي هو واصحابه اعتراض قافلة ابو سفيان واخذ ما فيها كغنائم للمسلمين ،ولكن لما سمع بخروج المشركين لقتالهم قام خطيبا بالناس وخيرهم بين ثلاثة امور(اما الذهاب لاغتنام الغنائم من قافلة ابا سفيان او العودة الى المدينة المنورة لضمان سلامتهم او مواجهة المشركين مع قلة العدة والعدد ،فاختار الصحابة رضي الله عنهم مواجهة المشركين بالرغم من كل المعوقات الموجودة آنذاك ،وهذا الامر كان من اهم ركائز ظهور سمات النصر.
2. النصر من عند الله: قال تعالى (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ) هذه الآية الكريمة ترتبط بأمر مهم هو انكسار القلب، والتذلل لله، واليقين بأن الانسان المجاهد ما هو الا اداة من ادوات النصر وليس هو صانع النصر ومحققه ، فكلما انكسرنا لله سبحانه وتعالى اقتربنا منه فهو الذي يقول بكتابه العزيز(وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)سورة العلق، والانكسار درجات ومن أعلى درجاته أن يستشعر المرء فقره الذاتي والمُطلق وعجزه واحتياجه المستمر إلى عناية مولاه وأنه لا يساوي شيئا بدون معية الله وإمداده وتوفيقة ،فالنبي صلى الله عليه وسلم بالرغم من اختيار الصحابة رضوان الله عليهم القتال على الغنائم والسلامة ،لكنهم كانوا بحاجة لأمر مهم ليصلهم مدد الله، ذلك الامر هو انكسار القلوب لله تعالى، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان يكون القدوة الحسنة لأصحابه، والمبادر الاول بذلك، فقد روى الامام مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما كان يوم بدر نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين، وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة، ثم مد يديه فجعل يهتف بربه: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض" فما زال يهتف بربه ماداً يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال يا نبي الله! كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك) بهذا الدعاء وانكسار القلب من قائد الجيش كان مفتاح النصر فكانت البشارة الاولى(إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)) سورة الانفال ،وبعد ان امتد انكسار القلوب لله من مقر قيادة الجيش الى افراد الجيش اتسع المدد الرباني (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُنزَلِينَ (124) بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125))سورة ال عمران ،هذا النصر عندما انكسرت قلوب الجميع اصبح المدد عام للجميع فارسل الله ملائكة لديها اسماء الكفار وتقتلهم بدلا من الذين انكسرت قلوبهم لله لذلك (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)).
3. الإبداع والابتكار في الخُطط العسكرية: لقد ابتكر الرسول صلى الله عليه وسلم في قتاله مع المشركين يوم بدر أسلوبًا جديدًا في منازلة الأعداء يتمثل في نظام الصفوف، وهذا الأسلوب أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ(4)} سورة الصف، وقد كانت العرب تقاتل بأسلوب الكرّ والفرّ، وهو الأسلوب المعهود بينهم، فعمد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ابتكار أسلوب الصفوف. ويعتبر الإبداع والابتكار ميزة رائدة تمتاز بها العسكرية الإسلامية في المعارك.
4. الاستفادة من الظروف البيئية المحيطة أثناء قتال العدو: لم يغفل النبي صلى الله عليه وسلم الاستفادة من الظروف الطبيعية أثناء قتال العدو، فقد كان يستفيد من كل الظروف المحيطة في ميدان المعركة لخدمة صفّه. ومن أمثلة ذلك ما فعله صلى الله عليه وسلم قبل بدء القتال يوم بدر، يقول المقريزي: "وأصبح صلى الله عليه وسلم ببدر قبل أن تنزل قريش، فطلعت الشمس وهو يصفهم فاستقبل المغرب وجعل الشمس خلفه فاستقبلوا الشمس".
5. الحرص على رفع الروح المعنوية للجنود: كان صلى الله عليه وسلم يَحثُّ أصحابه على القتال ويحرضهم عليه امتثالًا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ(65)} سورة الأنفال، ففي غَزَوة بدر الكبرى رفع صلى الله عليه وسلم الروح المعنوية لأصحابه قائلًا: «قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ». وفى المجال العسكري تلعب الروح المعنوية دورًا بارزًا في صَقْل شخصية المُحارب؛ إذ الروح المعنوية المرتفعة تُمثّل مصدرًا من مصادر التفوق العسكري، والصمود أمام المشاقّ التي تلاقى المجاهد في ساحة الوغى. ومن صور التعبئة المعنوية أنه صلى الله عليه وسلم كان يبشرهم بقتل صناديد المشركين، وزيادة لهم في السكينة والاطمئنان كان يحدد مكان قتلى كل واحد منهم ،وقد أثرت هذه التعبئة المعنوية في نفوس أصحابه رضوان الله عليهم والذين جاءوا من بعدهم بإحسان.
6. الدعاء أحد الأسلحة الفتّاكة في مواجهة الأعداء: لما نظّم صلى الله عليه وسلم صفوف جيشه، وأخذ بكل الأسباب المُتَاحة، رجع إلى عريشه الذى بُنى له ومعه صاحبه أبو بكر، وسعد بن معاذ على باب العريش لحراسته وهو شاهر سيفه، واتجه صلى الله عليه وسلم إلى الدعاء قائلًا: «اللهمَّ أَنجِزْ لي ما وعدتني. اللهمَّ آتِ ما وعدتني، اللهمَّ إن تَهلِك هذه العصابةُ من أهلِ الإسلامِ لا تُعبدُ في الأرض» ونحن نعلم أن الدعاء مَطِيَّةُ مَظِنة الخطر، وحقيقته: إظهار الافتقَار إليه، والتبرُّؤ من الحول والقوة، وهو سمة العبودية، واستشعار الذِّلةِ البشرية، وفيه معنى الثناء على الله تعالى، وإضافة الجود، والكرم إليه.
7. الحرب قائمة بين أهل الإيمان والكفر لا محالة: لا شك أنّ من أهم وأخطر سنن الله تعالى في العلاقة بين الناس هو التدافع بين الحق والباطل، والصراع بين الإيمان والكفر. وبالتالي فالذين يَسْعَوْن لإقامة التعايش السِّلْمي والأمان الاجتماعي مع الأعداء في مقابل التنازل عن ثوابت الإسلام هم واهمون، يبحثون عن سراب. ألم يسمع هؤلاء الرويبضة قول ابن جوريون( ): "نحن قوم لا نحيا إلا بعدو"؟! وقد ورد ذكر سنة التدافع في موضعين من كتاب الله تعالى؛ فأما الموضع الأول فبعد قصة المنازلة بين طالوت وجالوت، قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ(251)}سورة البقرة ، أمّا الموضع الثاني فعند الإذن بالجهاد وبيان مشروعيته، قال سبحانه: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرًا(40)}سورة الحج.
8. تواجد القائد مع جنوده في ساحة النِّزَالِ: فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أشجع الناس؛ حيث كان مع قومه في قلب المعركة وفى ميدانها، بل كان يُسوِّى صفوفهم بيده الشريفة الكريمة صلى الله عليه وسلم. والقائد الناجح هو من يُشارك جنوده المشاقّ وكَأْداء الحروب، ويُكابد معهم الآكام والشِّعَاب.
9. التركيز على وسائل الإعلام: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يَحثُّ شعراء المسلمين على القيام بواجبهم في الدفاع عن المسلمين وإخافة الأعداء بشعرهم؛ إذ كان الشعر يمثل الحملات الإعلامية المؤثرة في دنيا العرب، فيرفع أقوامًا ويخفض آخرين، ويُشعل الحروب الضارية ويُطفئها، ولا شك أن للإعلام دور في إحداث النكاية في الأعداء..