هذا الموضوع لو اردنا الكتابة والتوسع فيه فاننا نحتاج الى مجلدات يطول فيها الشرح ، ولكن سأكتفي بأسطر لتوضيح هذا الموضوع.
تعددت صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وتنوعت صيغها ، ولكن قد يقول قائل بأن هذه الصيغ لم ترد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم فهل لها من دليل خاصة ان ما ورد من صيغة الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي الصلاة الابراهيمية(اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) رواه البخاري ومسلم.
نعم ان الصلاة اعلاه صحيحة ولها خصوصية وافضلية، ولكن تعدد الصيغ له اصل شرعي وبالأدلة التالية:
1. قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) {سورة الأحزاب:56} فقوله تعالى (صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اطلاق غير محدد بصيغة معينة ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ( وقال الحليميُّ في الشعب : معنى الصلاةِ على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ( تعظيمُه ) فمعنى قولنا : اللهمَّ صلِّ على محمد : عظِّمْ محمداً، والمرادُ تعظيمُه في الدنيا بإعلاءِ ذكره ، وإظهارِ مثوبتهِ ، وتشفيعِه في أمَّتِه) فتح الباري: (11/156) ، فتنوع صيغ الصلاة من صلب معنى قوله تعالى(صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) .
2. اما من يقول بأن الصيغة قد حددت بالحديث(اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد) رواه البخاري ومسلم، فالجواب ان هناك احاديث اخرى وردت تنوعت فيها الصيغ ومنها قوله صلى الله عليه وسلم(اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) رواه مسلم ، وحديث اخر عنه صلى الله عليه وسلم(اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مجيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) رواه الإمام أحمد، وحديث اخر ورد عنه صلوات ربي وسلامه عليه (اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) رواه أحمد، وحديث اخر قال صلى الله عليه وسلم (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا باركت على إبراهيم وآل إبراهيم) رواه البخاري.
3. عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - أنه قال)يا رسول الله إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي، فَقَالَ: مَا شِئْتَ قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ. قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا، قَالَ: إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرَ لَكَ ذَنْبُكَ) رواه الترمذي، فعلينا الانتباه الى جائزة عظيمة نالها سيدنا ابي بن كعب رضي الله عنه بانه بصلاته على النبي صلى الله عليه وسلم باي صيغة كانت فأن الله سيكفي همه (اذا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي الكافية عن الهموم) ويغفر ذنبه (اذن هي ببركتها وفضلها سيغفر الله الذنب) .
4. عند مراجعة احاديث فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا نجد صيغة تقييد لنوعية الصلاة فلماذا نأتي اليوم ونقيد صيغة معينة ولا نقبل او ننكر الصيغ الاخرى .
5. سؤال لابد ان يسأله لنفسه من لا يقتنع بالصيغ المتعددة ، هل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغ المتعددة غير مقبولة عند العلماء المعتمدين من اهل السنة والجماعة ؟ هل لها اجر وثواب كما هو معلوم عن فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل المصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغ المتعددة او التي لها عناوين (الكافية – الشافية – وغيرها) اثم ؟.طبعا سيكون الجواب ان المصلي على النبي صلى الله عليه وسلم باي صيغة كانت له اجر وثواب وفضائل المصلي عليه بالصلاة الابراهيمية ، ولا يوجد اي نهي شرعي حول اعطاء عنوان للصلوات ، لان تسمية (الصلاة الابراهيمية) كعنوان لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن التسمية اخذت من سياق الصلاة ، لذلك يوضع العنوان من سياق الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
6. المنكرون على هذا الموضوع هم مجموعة من المتأخرين اصحاب الفكر المتشدد الذين لا يفقهون معنى الصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وسمموا افكار الكثير من الناس بضلالات ليس لها اصل وخالفوا اجماع اهل السنة والجماعة .
7. كان الإمام الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ كما في الرسالة يقول: فصلى الله على نبينا كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
