التوسل: هو طريقة من طرق التضرع إلى الله عز وجل وأحد أبواب دعاءه والتوجه اليه سبحانه وتعالى فالوسيلة هي كل ما جعله الله سببا للتقرب اليه وبابا لقضاء الحوائج منه، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }المائدة35.
وأما الاستغاثة :فهي طلب الإغاثة ممن يملكها على وجه الحقيقة وهو الله عزَّ وجلَّ أو ممن أعطاهم الله بحوله وقوته القدرة عليها وهم أنبياؤه وأولياؤه.
وأما الاستعانة: فهي طلب العون ممن يملكه على وجه الحقيقة وهو الله تبارك وتعالى أو ممن أعطاهم الله بمنه وكرمه القدرة عليها وهم أنبياءه وأولياؤه .
فيظهر لنا أن التوسل والاستغاثة والاستعانة شيء واحد لأن المتوسل أو المستغاث أو المستعان به على الحقيقة هو الله، وأما المتوسل به من العبيد فواسطة ووسيلة للتقرب إلى الله سبحانه وتعالى هذا ولم يختلف أحد من المسلمين في مشروعية التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بالأعمال الصالحة من صلاة وصيام وقراءة قرآن وغير ذلك، والدليل على هذا حديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار فتوسل أحدهم إلى الله ببر والديه وتوسل الثاني بابتعاده عن الفاحشة بعد تمكنه من أسبابها وتوسل الثالث بأمانته وحفظه لمال غيره وأدائه له كاملا ففرج الله عنهم ما هم فيه(أخرجه البخاري (215) ومسلم (6884) وأحمد (2/307/308)).وأما التوسل بغير العمل الصالح كالذوات والأشخاص فما هو في الحقيقة إلا توسل بعمله الصالح فمن توسل بشخص ما ،فذلك لأنه يحبه إذ يقدر صلاحه وولايته وفضله تحسينا للظن به أو لأنه يعتقد أن هذا الشخص محب لله سبحانه وتعالى فيكون الله تعالى محبا له أيضا قال جل جلاله { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}المائدة54 ولو تدبرنا الأمر لوجدنا أن هذه المحبة ،وذلك الاعتقاد هما من عمل المتوسل لأنه اعتقاده الذي انعقد عليه قلبه فهو منسوب اليه ومسؤول عنه ومثاب عليه فمن قال: اللهم إني أتوسل اليك بمحبتي لنبيك أو قال بنبيك سواء لأنه ما أقدم على هذا إلا لمحبته وإيمانه بنبيه ولولا المحب له والإيمان به ما توسل به فهو إذا توسل بعمله الصالح ثم إن المسلم عندما يتوسل أو يستغيث بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بالرجل الصالح إنما يتوسل به لما يعلم من كرامته وجاهه عند الله عز وجل ولاعتقاده بانه يمكن أن يكون قد أعطى القدرة على الإمداد والإعانة ونعني بالجاه المنزلة التي يختص الله بها من يشاء من عباده فالله سبحانه وتعالى متصف بصفة تسمى صفة الاختصاص قال عز وجل {وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }البقرة105والنبوة والرسالة والولاية الخاصة ليست مكتسبة بل هي محض فضل الهي واجتباء واختصاص رباني يكون بسببها لذلك العبد منزلة عند الله تسمى الجاه قال تعالى {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ }الشورى13 وقال سبحانه في إثبات الوجاهة والمكانة لبعض أنبيائه وملائكته عليه السلام كسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام{وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً }الأحزاب69أي ذا وجاهة وقال في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام { وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ }آل عمران45وقال عن سيدنا جبريل عليه السلام {ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ }التكوير20(أي صاحب مكانة فالإنسان عندما يتوسل إلى الله تعالى بجاه نبي أو ولي فإن ذلك يعني أنه توسل إلى الله تعالى بفعل من أفعاله خلقه لذلك النبي وسماه جاها وبصفة من صفاته سماها اختصاصا وهذا من التوسل إلى الله بصفاته وأفعاله وهو مجمع على جوازه عند أهل الحق) من كتاب الإسعاد (3/3) ونحن إذ نظرنا إلى كل فرد من أفراد المتوسلين والمستغيثين بالأنبياء والصالحين لا نجد في نفس أحد منهم إلا التقرب إلى الله تعالى لقضاء حاجاتهم الدنيوية والأخروية مع علمهم بأنهم كلهم عبيد لله تعالى فقلوبهم موقنة أنه جل جلاله الفعَّال المطلق المستحق للتعظيم بالأصالة لا شريك له ولا رب ولا موجد سواه ولا نافع ولا ضار إلا هو وأما تعظيمهم لغيره من خواص عبيده فإنما يكون بقدر منزلة ذلك العبد عند الله تعالى بحسب ما علموه فها هم يعظمون النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من سائر الخلق لعلمهم أنه أحب عبيده تعالى إليه وأقربهم لديه ثم يعظمون بعده الأنبياء والمرسلين أكثر من غيرهم لأن درجتهم تلي درجته صلى الله عليه وآله وسلم وهكذا سائر عباد الله من صحابته صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته وبقية الأولياء والصالحين على اختلاف درجاتهم وما يمتازون به عن غيرهم من علم وتقوى وما خدموا به هذه الشريعة المحمدية ونفعوا به الأمة الإسلامية فيفهم مما مر أن غاية الأمر أن بعض المتوسلين والمستغيثين يتسامحون في التصريح بهذا الأمر وهو الطلب من الله دون واسطة عملا بالحقيقة والأصل ويكتفون بعلم من لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور فينادون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو أحد الأولياء الصالحين ويطلبون منهم العون والإغاثة وهم في قريرة أنفسهم يعلمون حق العلم أنه وحده سبحانه وتعالى هو النافع والضار ولا يقع في ملكه إلا ما يريد وذلك طمعا في الإجابة لما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من منزلة عند الله وهذا ضرب من أضرب المجاز ولا يستطيع أحد ممن له أدنى مسكة في علم الشريعة واللغة العربية أن ينكر وجود المجاز في القرآن الكريم والسنة الشريفة فقد أسند الله تعالى إلى سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص مجازا فقال جل جلاله حكاية عنه {وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }آل عمران49 فما دام قد وجه الإذن الإلهي لعبد محبوب عنده فلا حرج إذا في قول الإنسان يا عيسى أحي ميتي واشف مريضي لأن الله تعالى أجاز ذلك بإلهام سيدنا عيسى هذا الكلام وإثباته قرآنا يتلى إلى يوم القيامة مع العلم أن إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى أمور لا يقدر عليها حقيقة إلا الله وحده ،ورغم هذا رضي من عبده عيسى عليه السلام قوله وأقره عليه ومثل هذا قول سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لخادمه ربيعة بن كعب الأسلمي سلني فقال( أسألك مرافقتك في الجنة فقال أو غير ذلك فقال هو ذاك قال أعني على نفسك بكثرة السجود) أخرجه مسلم (1094) وسؤال الجنة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استغاثة وطلب لما لا يقدر عليه إلا الله ولم ينكر عليه الصلاة والسلام سؤاله ولم يقل له لا تسأل غير الله ومن المجاز قوله تعالى حكاية عن جبريل عليه السلام {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً }مريم19فإسناد الوهب اليه مجاز والواهب حقيقة هو الله تعالى وحده ومن ذلك أيضا قول الله جل جلاله {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً }المزمل17 فإسناد جعل الولدان شيبا إلى اليوم مجاز والجاعل الحقيقي هو الله تعالى وتبارك وقوله تعالى{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ}فصلت فقد جعل الحق تعالى في هذا النص ملائكته أولياء للذين آمنوا واستقاموا وقال في نص أخر ينوه أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض أيضا {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ}المائدة55وقال أيضا: {وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ }المائدة56 وقال{إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ }التحريم4 ومولاه أي ناصره فأسند الله النصرة للمؤمنين والملائكة كما أسندها إلى نفسه فلا مانع إذا أن يقول قائل: اللهم انصرني بجبريل أو يا جبريل انصرني أو اللهم انصرني وأيدني بصالحي المؤمنين وبملائكتك أو يا أيها الصالحون ويا أيها الملائكة انصروني وما هو بذلك إلا مقتد بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال: (إذا انفلتتْ دابةُ أحدِكم بأرضِ فلاةٍ فلينادِ يا عباد الله احبسوا علىَّ يا عباد الله احبسوا علىَّ فإن لله فى الأرض حاضرًا سيحبسُه عليكم)جامع الأحاديث - (ج 2 / ص 417) فالنصوص كلها عامة التعليق دون تخصيص حياة أو موت لأن المؤمنين لم يسلب عنهم وصف الإيمان بانتقالهم إلى البرزخ فيكون بين المؤمنين من أهل البرزخ ولاية للمؤمنين في الدنيا ويكون للملائكة ولاية لجميعهم وولاية الملائكة مظهر ولاية الله تعالى لعباده المؤمنين وقال صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه لحسان بن ثابت رضي الله عنه عندما كان يقول الشعر في المسجد النبوي ويهجو به المشركين في إحدى روايات الحديث(قل وروح القدس يؤيدك)(أخرجه مسلم (6345)) وفي رواية( قل وروح القدس معك)(أخرجه البخاري (6153) ومسلم (6337)) فنسب التأييد والمعية التي فيها الغوث والعون إلى سيدنا جبريل عليه السلام ويقول الشيخ ابن تيمية رحمه الله في فتاويه في الجزء الأول منها بعد تعريفه الاستغاثة وكلامه عنها (إن جعل الله ذلك أي الغوث على يدي غيره فالحقيقة له سبحانه وتعالى ولغيره مجاز)وها هو الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى أيضا يتكلم عن الطلب من غير الله منوها أنه في الحقيقة طلب من الله وأنه من العبد مجاز وشرح بذلك حديث (وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله) أخرجه الترمذي (2516) وأحمد (1/293) فيقول : إنما قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله فيفهم منه الاستعانة المطلقة أما الاستعانة بالأسباب فيقصد بها الاستعانة بالله بواسطة السبب وقال الشيخ محمد علوي المالكي رحمه الله عن هذا الحديثهذا الحديث يخطئ كثير من الناس في فهمه إذ يستدل به على أنه لا سؤال ولا استعانة مطلقا من أي وجه وبأي طريق إلا بالله ويجعل السؤال والاستعانة بغير الله من الشرك المخرج عن الملة وهو بهذا ينفي الأخذ بالأسباب والاستعانة بها ويهدم كثيرا من النصوص الواردة في هذا الباب) إن هذا الحديث الشريف ليس المقصود به النهي عن السؤال والاستعانة بما سوى الله كما يفيد ظاهر لفظه وإنما المقصود به النهي عن الغفلة عن كون ما جرى من الخير على يد الأسباب فهو من الله والأمر بالانتباه إلى أن ما كان من نعمة على يد المخلوقات فهي من الله وبالله فالمعنى: وإذا أردت الاستعانة بأحد من المخلوقين ولا بد لك من ذلك – فاجعل كل اعتمادك على الله وحده ولا تحجبنك الأسباب عن رؤية المسبب جل جلاله ولا تكن ممن يعلمون ظاهر من هذه الارتباطات والعلاقات بين الأشياء المترتب بعضها على بعض وهم عن الذي ربط بينها غافلون والحديث ليس فيه أصلا لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله وإنما هو كقوله: صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي» أخرجه أبو داود (4832) فهل في هذا الحديث أن مصاحبة غير المسلم حرام؟! وهل يفهم منه أن إطعام غير التقي حرام؟! وقد رخص الله في كتابه بإطعام الأسير الكافر بل مدح ذلك بقوله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً }الإنسان 8
الأدلة من القرآن الكريم
1. قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }المائدة35 لفظ الوسيلة عام في الآية كما نرى فهو شامل للتوسل بالذوات الفاضلة من الأنبياء والصالحين في الحياة ،وبعد الممات لأنه لا فرق بينهما وهو شامل أيضا للتوسل بالأعمال الصالحة.
2. قال تعالى: { فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ }القصص15 يقص الله جل وعلا علينا في هذه الآية قصة الرجل القبطي الذي استغاث بسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وهو من شيعته فأغاثه ومعلوم أن الأنبياء عليهم السلام كلهم جاؤوا بالتوحيد الخالص لله تعالى وعدم الإشراك به فلو كانت استغاثة الرجل به نوعا من الشرك لم يجز لسيدنا موسى عليه السلام أن يغيثه وحاشا الأنبياء أن يقروا الناس على ما فيه مخالفة المولى عز وجل.
3. وقال تعالى {وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }البقرة248 قال الحافظ ابن كثير في التاريخ: قال ابن جرير عن هذا التابوت: وكانوا إذا قاتلوا أحدا من الأعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذي كان في قبة الزمان فكانوا ينصرون ببركته وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية مما ترك آل موسى وآل هارون فلما كان في بعض حروبهم مع أهل غزة وعسقلان غلبوهم وقهروهم على أخذه فانتزعوه من أيديهم قال ابن كثير: وقد كانوا ينصرون على أعدائهم بسببه وكان فيه طمست من ذهب كانت يغسل فيه صدور الأنبياء (البداية والنهاية (ج2/ ص وقال ابن كثير في التفسير: كان فيه عصا موسى وعصا هارون ولوحان من التوراة وثياب هارون ومنهم من قال: العصا والنعلان وقال القرطبي: والتابوت كان من شأنه فيما ذكر أنه أنزله الله على آدم عليه السلام فكان عنده إلى أن وصل إلى يعقوب عليه السلام فكان في بني إسرائيل يغلبون به من قاتلهم حتى عصوا فغلبوا على التابوت غلبهم عليه العمالقة وسلبوا التابوت منهم(تفسير القرطبي (ج3/ص247) وهذا في الحقيقة ليس إلا توسلا بآثار أولئك الأنبياء إذ لا معنى لتقديمهم التابوت بين أيديهم في حروبهم غير ذلك والله سبحانه وتعالى راض عن ذلك بدليل أنه رده إليهم وجعله علامة وآية على صحة ملك طالوت ولم ينكر عليهم ذلك الفعل.
4. وقال تعالى {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ }البقرة89 روى أبو نعيم في دلائل النبوة من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت يهود بني قريظة والنضير من قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم يستفتحون الله يدعون على الذين كفروا يقولون: اللهم إنا نستنصرك بحق النبي الأمي إلا نصرتنا فينصرون فلما جاءهم ما عرفوا يريد محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ولم يشكوا فيه كفروا به ولهذا الأثر طرق كثيرة وفي تفسير النيسابوري ما نصه: قوله يستفتحون على الذين كفروا وذلك أن اليهود قبل مبعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونزول القرآن يسألون به الفتح والنصرة على المشركين إذا قاتلوهم يقولون: (اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان الذي نجد نعته وصفته في التوراة) وكانوا يقولون لأعدائهم من المشركين : قد أظل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وإرم وقال في تفسير الكشاف وفي تفسير الخازن ما نصه: وكانوا يعني اليهود من قبل أي من قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستفتحون أي يستنصرون به على الذين كفروا يعني مشركي العرب وذلك أنهم كانوا إذا حزبهم أمر ودهمهم عدو يقولون: اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان الذي نجد صفته في التوراة فكانوا ينصرون وكانوا يقولون لأعدائهم من المشركين قد أظل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وإرم فلما جاءهم ما عرفوا أي الذي عرفوه يعني محمدا صلى الله عليه وآله وسلم عرفوا نعته وصفته وأنه من غير بني إسرائيل كفروا به أي جحدوا وأنكروا بغيا وحسدا ونحوه في تفسير البغوي والنسفي.
5. قال تعالى { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }النساء64 قال الزمخشري في الكشاف: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم بالتحاكم إلى الطاغوت جاؤوك تائبين من النفاق مستنصلين عما ارتكبوا فاستغفروا الله من ذلك بالإخلاص وبالغوا في الاعتذار اليك من إيذائك برد قضائك حتى انتصبت شفيعا لهم إلى الله ومستغفرا لوجدوا الله توابا أي لتاب عليهم ولم يقل واستغفرت لهم وعد عنه إلى طريقة الالتفات تفخيما لشأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيما لاستغفاره وتنبيها على أن شفاعة من اسمه الرسول من الله بمكان فهذه الآية وإن نزلت بسبب المنافقين المتحاكمين إلى الطاغوت فهي عامة تشمل كل عاص ومقصر، لأن ظلم النفس المذكور فيها يشمل كل معصية ثم إنها أي الآية تدل على الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في حالتي حياته ووفاته لأن كلا من المجيء والاستغفار وقع في سياق الشرط فيدل على العموم ، الاستشفاع في حال الحياة ظاهر ليس فيه خلاف وورد في تفسير ابن كثير: عند قوله تعالى { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً }النساء64 ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي قال: كنت جالسا عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله سمعت الله يقول: (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاوؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وقد جئتك مستغفرا لذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم انشد يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال: «الحق بالأعربي فبشره أن الله قد غفر له» تفسير ابن كثير (ج1/ص643) وقد جاء في تفسير القرطبي ما نصه: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك روى أبو صالح عن علي رضي الله عنه قال قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحثا على رأسه من ترابه فقال: قلت يا رسول الله فسمعنا قولك ووعيت عن الله فوعينا منك وكان فيما أنزل الله عليك (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاوؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي فنودي من القبر أنه قد غفر لك ) تفسير القرطبي (ج5/ص265) فالآية دليل على جواز التوسل والاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في سائر الأحوال لأنه في قبره الشريف حي يرزق تعرض عليه أعمال أمته فيدعو لهم ويستغفر ويلحق به في جواز التوسل كل ما تثبت له هذه المزية كالشهداء والعلماء العاملين والأولياء المتقين ونحوهم والله أعلم ومن الكتب التي اوردت القصة (الإمام النووي في كتابه الإيضاح(الباب السادس (ص498)) وابن قدامة في كتابه المغني((ج3/556)) وأبو الفرج بن قدامة في كتابه الشرح الكبير((ج3/495)) والشيخ منصور البهوتي في كتابه المعروف بكشف القناع من أشهر كتب المذهب الحنبلي((ج5/30)) ولم يذكر واحد منهم أن هذا الفعل إشراك بالله تعالى فيكون إقرارا منهم بالتوسل.
الأدلة من الأحاديث الشريفة وآثار الصحابة رضي الله عنهم
1. عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه: أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ادع الله لي أن يعافيني فقال: إن شئت صبرت وهو خير لك قال فادعه وفي رواية : ليس لي قائد وقد شق علي فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في قضاء حاجتي لتقضى لي اللهم شفعه في وزاد البيهقي فقام وقد أبصر وفي رواية اللهم شفعه في وشفعني في نفسي(أخرجه الإمام أحمد في المسند (4/138) والنسائي في عمل اليوم والليلة (658) والترمذي (3578) وابن ماجه (1385)) فقوله: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك.. توسل وقوله : يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في قضاء حاجتي.. استغاثة فها هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يرض ان يدعو له هو بنفسه بل أمره أن يتوسل إلى الله به بل ويناديه حال غيابه عنه قائلا: يا محمد وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأمر بما فيه طعن في العقيدة أو يرضى به أصلا وهذا توسل ظاهر واستغاثة صريحة بذاته وجاهه صلى الله عليه وآله وسلم عليه وقد اعتمدها علماء المحدثون والحفاظ في كتب السنة في صلاة الحاجة حاثين الأمة عليها.
2. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة وخرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك فأسألك أن تعيذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أقبل الله عليه بوجهه واستغفر له سبعون ألف ملك»( أخرجه ابن ماجه (778) وأحمد (3/21) والطبراني في الدعاء (2/990)).وهذا حث ظاهر منه للصحابة على التوسل إلى الله تعالى بجاه ومنزلة السائلين عنده والسائلين جمع يشمل الأموات والأحياء ومن كان حاضرا ومن كان غائبا وفي الحديث دليل التوسل بالعمل الصالح وهو ممشى الرجل إلى المسجد لوجه الله فالشرع لم يفرق بين التوسل بالذوات الفاضلة وبين التوسل بالعمل الصالح بل لقائل أن يقول: كيف لا يجوز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي هو أشرف خلق الله ويجوز التوسل بصلاة العبد وصيامه وصدقته وكلا الأمرين خلق الله.
3. وعن سيدنا علي كرم الله وجهه: ان سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما دفن فاطمة بنت أسد أم سيدنا علي رضي الله عنهما قال: اللهم بحقي وحق الأنبياء من قبلي اغفر لأمي بعد أمي(رواه الطبراني في الأوسط (1/152)).
4. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه :كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال: فيسقون وفي الحديث إثبات التوسل به صلى الله عليه وآله وسلم وبيان جواز التوسل بغيره كالصالحين من آل البيت وغيرهم كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري(أخرجه البخاري (1010)).ومن الشبه التي قد ترد على هذا الحديث أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه توسل بالعباس لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان قد توفي والجواب أن يقال: هل قال لكم عمر رضي الله عنه أو العباس إن هذا التوسل لأن الرسول كان قد توفي كلا لا قال عمر رضي الله عنه ذلك ولا أشار إليه ولا قال العباس رضي الله عنه ذلك ولا أشار إليه وتوسل سيدنا عمر رضي الله عنه بالعباس رضي الله عنه في الحقيقة توسل بالنبي لأن عمر رضي الله عنه توسل به لمكانته من النبي صلى الله عليه وسلم وكونه عمه فها هو يقول عم نبينا ولم يقل بالعباس بن عبدالمطلب أراد عمر رضي الله عنه بفعله أن يبين جواز التوسل بغير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الصلاح ممن ترجى بركته.
5. وعن شريح بن عبيد رضي الله عنه قال: ذكر أهل الشام عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالعراق فقالوا: العنهم يا أمير المؤمنين قال: لا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الأبدال بالشام هم أربعون رجلا كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب(أخرجه أحمد (1/112)) وفي رواية: أربعون رجلا مثل خليل الرحمن(ذكره الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (10/63) وقال إسناده حسن) ومعنى المثلية في قوله مثل خليل الرحمن أنهم على طريقة إبراهيم عليه الصلاة والسلام في سلامة الصدر والرحمة لجميع المسلمين.
6. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا كنت لابد سائلا فأسأل الصالحين(أخرجه أحمد (4/324) في المسند وأبو داود (1646) والنسائي (2586)) فهذا حث ظاهر منه صلى الله عليه وآله وسلم على سؤال الصالحين
7. وقال عليه الصلاة والسلام (إن لله خلقا خلقهم لحوائج الناس يفزع إليهم في حوائجهم أولئك هم الآمنون من عذاب الله)( رواه الطبراني في الكبير (3234))
8. وعن سيدنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا علي ، يا عباد الله احبسوا علي، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم) أخرجه الطبراني في الكبير (10518) وأبو يعلى (5269) والهيثمي في مجمع الزوائد (17105) وفي رواية: (إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد أحد غوثا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني يا عباد الله أغيثوني فإن لله عبادا لا نراهم) وفي روايةإن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظ يكتبون ما يسقط من ورق الشجر فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله أعينوني وفي رواية أعينوا)أخرجه الطبراني في الكبير 17 وذكر الإمام الطبراني في الكبير والإمام النووي في الأذكار بعد روايتهما للحديث بأنهما جربا ذلك بأنفسهما وهو ظاهر جلي لا يحتمل التأويل ولا التبديل ففي هذا الموقف الذي ينادي فيه الإنسان (يا الله) بفطرته حيث لا يرى حوله من يآنسه أو يقاسمه همه رغم هذا أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول «يا عباد الله حثا على الأخذ بالأسباب فهل بعد الحق إلا الضلال المبين» .
9. وعن سيدنا جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «ليأتين على الناس زمان يخرج الجيش من جيوشهم فيقال: هل فيكم من صحب محمدا فيستنصرون به فينصرون ثم يقال: هل فيكم من صحب محمدا فيقال: لا فيقال: فمن صحب أصحابه؟ فلو سمعوا به من وراء البحر لأتوه»( أخرجه أبو يعلى (2182)).
10. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم) (أخرجه البخاري (2739)) وهذا دليل على الاستغاثة بالضعفاء والتوسل بهم إلى الله طلبا للنصر
11. وعن عبدالله بن دينار رضي الله عنه قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يتمثل بشعر أبي طالب: (وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل) وفي لفظ قال: ربما ذكرت قول الشاعر وانا أنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستسقي فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل أخرجه البخاري (1008)) فتمثله رضي الله عنه بهذا البيت من قول أبي طالب دون غيره دليل على توسله بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو نص لا يحتمل غير هذا الفهم ومثل سيدنا ابن عمر رضي الله عنه لا يصدر عنه ما يشك في قبوله شرعا.
12. ذكر ابن كثير في البداية والنهاية أن عمر عس(اي تجول في البلد ليلا لينظر في احوالها) ذات ليلة عام الرمادة فلم يجد أحدا يضحك ولا يتحدث الناس في منازلهم على العادة ولم ير سائلا يسأل فسأل عن سبب ذلك فقيل له: يا أمير المؤمنين إن الناس سألو فلم يعطوا فقطعوا السؤال والناس في هم وضيق فهم لا يتحدثون ولا يضحكون فكتب عمر إلى أبي موسى بالبصرة أن يا غوثاه لأمة محمد وكتب إلى عمرو بن العاص بمصر أن ياغوثاه لأمة محمد فبعث إليه كل واحد منهما بقافلة عظيمة تحمل البر وسائر الأطعمة(البداية والنهاية (7/97)) وهذا ظاهر في جواز إطلاق لفظ التوسل والاستغاثة.
13. وقال صلى الله عليه وآله وسلم (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) أخرجه مسلم (6793) وأبو داود (4946)) فهذا دليل جواز استعانة العباد بعضهم ببعض بل والحث على ذلك وإكرام المعين لغيره بمعونة ا
الأدلة على التوسل والاستغاثة بالأموات
1. قال تعالى {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }آل عمران169 وقوله تعالى {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ}البقرة154 فدلت الآيتان على حياة الذين يقتلون في سبيل الله والقتل في سبيل الله عام يشمل الشهادة في الحروب وفي غيرها كما دلت الأحاديث والآثار على ذلك ثم إذا كان هذا حال الشهداء فماذا يكون حال الأنبياء عامة وحال نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة وقد جمع الله له بين الشهادة والنبوة؟ لا شك انهم أدنى بهذه المزية منه.
2. قال تعالى {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }التوبة105فقد قال الحافظ ابن كثير رضي الله عنه عن تفسير هذه الآيةوقد ورد أن أعمال الأحياء تعرض على الأموات من الأقرباء والعشائر في البرزخ)
3. حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون» أخرجه أبو يعلى (3425)
4. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (مررت بموسى ليلة أسري بي وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر) أخرجه مسلم (6107)
5. حديث أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أفضل أيامكم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي قالوا كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت يقولون بليت فقال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» أخرجه أبو داود (1047) والنسائي (1373)
6. حديث سيدنا أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالإن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم) أخرجه البخاري (1338) ومسلم (7145)
7. حديث سيدنا أبي طلحة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قام على القليب قليب بدر وفيه قتلى المشركين فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان ابن فلان قال: إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟! فقال سيدنا عمر يا رسول الله: ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟! فقال رسول الله صل والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأ سمع لما اقول منهم أخرجه البخاري (3757) ومسلم (2875) وهذا قسم منه صلى الله عليه وآله وسلم بأنهم يسمعون كلامه.
8. حديث سيدنا عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن امتي السلام» أخرجه النسائي (1281) حديث سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد السلام» أخرجه أبو داود (2041) وأحمد (2/527) والسلام هو الأمان فهو يدعو للمسلم بالأمان إذا يلحق به النفع وهو في قبره صلى الله عليه وآله وسلم .
9. حديث سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت الله لكم» أخرجه البزار (845) فهذا صريح في أنه صلى الله عليه وآله وسلم يستغفر لأمته وهو في الحياة البرزخية والاستغفار دعاء تنتفع منه الأمة الإسلامية جمعاء.
10. حديث سيدنا أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم فإن كان خيرا استبشروا وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم لاتمتهم حتى تهديهم كما هديتنا» وفي رواية عن جابر رضي الله عنه : «إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم في قبورهم فإن كان خيرا استبشروا به وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم ألهمهم أن يعملوا بطاعتك» أخرجه الطبراني في الكبير (4/154) وفي إتحاف السادة المتقين للزبيدي (10/385) وفي تفسير ابن كثير (4/147) وفي كنز العمال (34029) وفي الحاوي للسيوطي (2/303 - 304) وهذا دليل نفع الأموات من غير الأنبياء.
11. حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «ما من أحد يمر بقبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام» أورده الحافظ السيوطي في الحاوي(2/170) فلولا حياة الموتى في قبورهم وصحة سماعهم لم يكن لهذه الخطابات أي معنى ولكانت بمثابة مخاطبة الجمادات وحديث سيدنا جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه فإنهم يتزاورون في قبورهم» أخرجه الترمذي (994) وابن ماجه (1474) بشطره الأول.
12. حديث سيدنا أبي أمامة رضي الله عنه عندما مر به سعيد الأودي أو الأزدي وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة فقال له : يا سعيد إذا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال «إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس القبر ثم ليقل : يا فلان بن فلانة فلإنه يسمع ولا يجيب – أي لا يستطيع الجواب- ثم ليقل: يا فلان بن فلانة المرة الثانية فإنه يستوي قاعدا ثم ليقل يافلان ابن فلانة المرة الثالثة فإنه يقول: أرشدنا يرحمك الله ولكن لا تشعرون... الخ» أخرجه الطبراني في الكبير (7979) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (4248) وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير ما نصه : قولهويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن وحديث التلقين إسناده صالح وقد قواه الضياء في أحكامه) التلخيص الحبير (2/135) وذكره الامام النووي في المجموع (ج5/ ص243)
13. ومنها ما ثبت أن أم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي الله عنها قالت كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأضع ثيابي وأقول إنما هو زوجي وأبي فلما دفن عمر معهما فو الله ما دخلت إلا وأنا مشدودة حياء من عمر) أخرجه الإمام أحمد (6/202) والحافظ الهيثمي وقال رجاله رجال الصحيح مجمع الزوائد (12704) وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين (4/7) ووافقه الذهبي.
14. ومنها ما ثبت عن سيدنا شيبان بن جسر عن أبيه أنه قال: (أنا والله الذي لا إله إلا هو أدخلت ثابتا البناني في لحده ومعي حميد الطويل فلما سوينا عليه اللبن سقطت لبنة فإذا أنا به يصلي في قبره). أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/319).
15. السلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم وقد سئل الشيخ ابن تيمية رحمه الله تعالى عن هذه المسالة فأفتى بما يؤيد ذلك انظر الفتاوى (24/331 ، 362) ومنها: قول الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في مرقاة الصعود: تواترت بحياة الأنبياء في قبورهم الأخبار. وقال في إنباء الأذكياء بحياة الأنبياء ما نصه( حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قبره هو وسائر الأنبياء معلومة عندنا قطعيا لما قام عندنا من الأدلة في ذلك وتواترت بها الأخبار الدالة على ذلك) ومنها قول الإمام السخاوي رضي الله عنه يحكي الإجماع على ذلك فقد قال بعد سرده الأدلة على عرض الأعمال عليه صلى الله عليه وآله وسلم من صلاة وغيرها ما نصه: السادسة: يؤخذ من هذه الأحاديث أنه صلى الله عليه وآله وسلم حي على الدوام وذلك أنه محال عادة أن يخلو الوجود كله من واحد يسلم عليه في ليل ونهار ونحن نؤمن ونصدق بانه صلى الله عليه وآله وسلم حي يرزق في قبره وإن جسده الشريف لا تأكله الأرض والإجماع على هذا وزاد بعض العلماء الشهداء والمؤذنين وقد صح أنه كشف عن غير واحد من العلماء والشهداء فوجدوا لم تتغير أجسامهم والأنبياء أفضل من الشهداء جزما ومنها قول الإمام السبكي في شفاء الأسقام: وأقول إن التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم جائز في كل حال: قبل خلقه وبعد خلقه في مدة حياته في الدنيا وبعد موته في مدة البرزخ وبعد البعث في عرصات القيامة والجنة ومنها ذكر ابن حزم للإجماع أيضا في كتابه المحلى.وتأليف البيهقي لجزء خاص يثبت فيه حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في قبورهم وغيرها من أقوال العلماء في التوسل والاستعانة .
16. عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما دفن فاطمة بنت أسد أم سيدنا علي رضي الله عنهما : (اللهم بحقي وحق الأنبياء من قبلي اغفر لأمي بعد أمي) أخرجه الطبراني في الأوسط (1/152)
17. وعن سيدنا أبي الجوزاء أوس بن عبدالله رضي الله عنه قال(قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة فقالت: انظروا قبر النبي فاجعلوا منه كوى إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف قال: ففعلوا فمطرنا مطرا حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق) أخرجه الدارمي في سننه برقم (92)
18. وعن مالك الدار وكان خازن عمر رضي الله عنه قال أصاب الناس قحط في زمن عمر رضي الله عنه فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله (وفي رواية يا محمداه استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل في المنام فقيل له: ائت عمر فأقرئه السلام وأخبره بأنكم مستقيون وقل له : عليك الكيس فأتى عمر رضي الله عنه فأخبره فبكى عمر رضي الله عنه ثم قال: يا رب لا آلو إلا ما عجزت عنه)أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (12/31 ، 32) والبخاري في تاريخه (7/304) والحافظ أبو يعلى الخليلي في الإرشاد ص (63) والبيهقي في دلائل النبوة (7/47) وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/495) إسناده صحيح وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (7/105) وفي التفسير (1/91) إسناده صحيح.
19. وعن سيدنا عثمان بن حنيف رضي الله عنه : أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له وكان عثمان رضي الله عنه لا يلتفت اليه ولا ينظر في حاجته فلقيه الرجل فشكا ذلك اليه فقال له عثمان بن حنيف رضي الله عنه : ائت الميضأة ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه اليك بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك فيقضي حاجتي وتذكر حاجتك فانطلق الرجل فصنع ما قال له ثم أتى باب سيدنا عثمان رضي الله عنه فجاء البواب حتى أخذه بيده فأدخله على عثمان رضي الله عنه فأجلسه معه على الطنفسة) وقال: ما حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها له ثم قال ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة ثم قال ما كانت لك حاجة فائتنا ثم إن الرجل لما خرج من عنده لقي عثمان بن حنيف رضي الله عنه وقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت الي حتى كلمته في فقال عثمان ابن حنيف رضي الله عنه والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأتاه رجل ضرير فشكا اليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أو تصبر؟ قال: يا رسول الله ليس لي قائد وقد شق علي فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم ائت الميضاة فتوضأ ثم ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات فقال عثمان بن حنيف فو الله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط) أخرجه الطبراني في الكبير (83110) وقال بعد ذكر طرقه (والحديث صحيح) وابن السني في عمل اليوم والليلة (628) وصححه الحاكم (1/526) ووافقه الذهبي وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (3668) والمنذري في الترغيب والترهيب (1/476) ونقلا تصحيح الطبراني له والشيخ ابن تيمية في كتابه التوسل والوسيلة ص (101).
20. وعن الهيثم بن خنيس قال: كنا عند عبدالله بن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله فقال له رجل: اذكر أحب الناس اليك فقال: يا محمد فكأنما نشط من عقال وعن عبدالرحمن بن سعد قال( خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل اذكر أحب الناس اليك فقال محمد ) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (964)
21. وذكر الحافظ ابن كثير خلال كلامه عن وقعة اليمامة ما نصه : (وحمل خالد بن الوليد رضي الله عنه حتى جاوزهم وسار لجبال مسيلمة وجعل يترقب أن يصل اليه فيقتله ثم رجع ثم وقف بين الصفين ودعا البزار وقال: أنا ابن الوليد العود أنا ابن عامر وزيد ثم نادى بشعار المسلمين وكان شعارهم يومئذ (يا محمد) البداية والنهاية (6/324).
22. وها هو سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام يتوسل بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد روى سيدنا عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد إلا غفرت لي فقال الله تعالى يا آدم كيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟ قال: يا رب إنك لما خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق اليك فقال الله تعالى صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق الي وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك ولو لا محمد ما خلقتك)أخرجه البيهقي في كتابه دلائل النبوة (5/489) والحاكم (2/615) وصححه والطبراني في الأوسط (6498) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (13917)
23. وروى الخطيب في تاريخه عن علي بن ميمون رضي الله عنه أنه قال : سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة أجيء إلى قبره في كل يوم يعني زائرا فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما يبعد عني حتى تقضى وقد صح وبسند صحيح توسل الإمام الشافعي بالإمام أبي حنيفة رضي الله عنهما.
24. وروى أيضا عن احمد بن جعفر القطيعي قال : سمعت الحسن بن إبراهيم أبا علي الخلال وهو شيخ الحنابلة في وقته يقول (ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر يعني الكاظم فتوسلت به إلا سهل الله لي ما أحب) من كتاب إتحاف الأذكياء بجواز التوسل بالأنبياء والأولياء للشيخ عبدالله صديق الغماري.
25. وقال الحافظ عبدالغني المقدسي: (خرج في عضدي شيء يشبه الدمل وكان يبرأ ثم يعود ودام بذلك زمانا طويلا فسافرت إلى أصبهان وعدت إلى بغداد وهو بهذه الصفة فمضيت إلى قبر الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وأرضاه ومسحت به القبر فبرأ ولم يعد ذكرها الحافظ ضياء الدين المقدسي المتوفى سنة (643) في كتابه الحكايات المنثورة بخطه برقم (3834) الورقة (112) الوجه (أ) السطر (10).
26. وقد قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عندما ذكر أمامه صفوان بن سليم: (هذا رجل ينزل القطر من السماء بذكره) تذكرة الحفاظ ص (61) .
27. وأخرج الخطيب البغدادي في تاريخه أن الإمام إبراهيم الحربي أحد أئمة الحديث قال(قبر معروف يعني الكرخي الترياق المجرب).
28. وأن أبا عبدالله المحاملي رحمه الله أحد أئمة الحديث أيضا قال: اعرف قبر معروف الكرخي منذ سبعين سنة وما قصده مهموم إلا فرج الله همه.
29. وأخرج أن الإمام عبيد الله بن عبدالرحمن بن محمد الزهري رحمه الله قال سمعته أي يقول: قبر معروف الكرخي مجرب لقضاء الحوائج ويقال: إن من قرأ عنده مائة مرة ?قل هو الله أحد? وسأل الله تعالى ما يريد قضى الله له حاجته.
30. وأخرج أيضا أن أحمد بن العباس الشامي رحمه الله قال: ( خرجت من بغداد أريد الحج فاستقبلني رجل عليه أثر العبادة فقال لي: من أين خرجت قلت من بغداد خرجت منها لما رأيت فيها من ا لفساد فخفت أن يخسف بأهلها قال: ارجع ولا تخف فإن فيها قبور أربعة من أولياء الله هم حصن من جميع البلايا قلت : من هم؟ قال: أحمد بن حنبل ومعروف الكرخي وبشر الحافي ومنصور بن عمار فرجعت وزرت القبور) من كتاب إتحاف الأذكياء للشيخ عبدالله صديق الغماري.