استند العلماء في سنيتها على جملة من الأحاديث والآثار منها :
1. عَنْ سيدنا أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)( ).
2. عَنْ السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّوْا مَعَهُ فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا فَكَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا مَضَى الْوَتْرُ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ فَتَعْجَزُوا عَنْهَا فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ)( ) .
3. عَنْ سيدنا أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَلَمَّا كَانَتْ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا فَلَمَّا كَانَتْ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَالَ : فَقَالَ : إنَّ الرَّجُلَ إذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ فَلَمَّا كَانَتْ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا فَلَمَّا كَانَتْ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ وَالنَّاسَ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ قُلْت : وَمَا الْفَلَاحُ ؟ قَالَ : السَّحُورُ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ)( ) .
4. عن سيدنا عبد الرحمن بن عبد القاري رضي الله عنه أنه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر رضي الله عنه: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب رضي الله عنه ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر : (نعم البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون) يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله ( ).
آراء الفقهاء في سنيتها
أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا وَلَمْ يُنْكِرْهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ ومذاهب الفقهاء كما يلي :
الحنفية : التراويح سنة مؤكدة لا ينبغي تركها ولا يجوز تعطيل المساجد عنها قال الإمام أبو حنيفة رحمه الله )التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عُمَرُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبْتَدِعًا وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ إلَّا عَنْ أَصْلٍ لَدَيْهِ وَعَهْدٍ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَقَدْ سَنَّ عُمَرُ هَذَا وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَصَلَّاهَا جَمَاعَةٌ مُتَوَاتِرُونَ مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَطَلْحَةُ وَالْعَبَّاسُ وَابْنُهُ وَالزُّبَيْرُ وَمُعَاذٌ وَأُبَيٌّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ رضي الله عنهم وَمَا رَدَّ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَلْ سَاعَدُوهُ وَوَافَقُوهُ وَأَمَرُوا بِذَلِكَ) انتهى .
المالكية : قيام رمضان سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عهد الإمام مالك رحمه الله أراد أمير المدينة أن ينقصها عن العدد الذي كان أهل المدينة يقومون به وهو تسع وثلاثون فشاور مالكاً رحمه الله فنهاه مالكاً عن ذلك قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رحمه الله: لَمْ يَسُنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مِنْهَا إلَّا مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْمُوَاظَبَةِ إلَّا خَشْيَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفًا رَحِيمًا صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا عَلِمَ عُمَرُ رضي الله عنه ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَعَلِمَ أَنَّ الْفَرَائِضَ لَا يُزَادُ فِيهَا وَلَا يَنْقُصُ بَعْدَ مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم أَقَامَهَا لِلنَّاسِ وَأَحْيَاهَا وَأَمَرَ بِهَا وَذَلِكَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ وَذَلِكَ شَيْءٌ ذَخَرَهُ اللَّهُ وَفَضَّلَهُ بِهِ وَلَمْ يُلْهِمْهُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ وَأَشَدَّ سَبْقًا إلَى كُلِّ خَيْرٍ بِالْجُمْلَةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَضَائِلُ خُصَّ بِهَا لَيْسَتْ لِصَاحِبِهِ وكَانَ عَلِيٌّ يَسْتَحْسِنُ مَا فَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه مِنْ ذَلِكَ وَيُفَضِّلُهُ وَيَقُولُ : نُورُ شَهْرِ الصَّوْمِ( ).
الشافعية : قيام رمضان سنة مؤكدة وقد دلت صَلَاتُهُ صلى الله عليه وسلم بالصحابة على أن القيام في شهر رمضان يتأكد حتى يداني الفرائض ويسن له الجماعة وما سنت له الجماعة آكد مما لم تسن له الجماعة .
الحنابلة : هي سنة مؤكدة وأول من سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم( ).
