مركز المفكر للدراسات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مركز علمي متخصص بالدراسات وبكافة المجالات العلمية يضم نخبة من العلماء والكفاءات والمفكرين


    عمى الالوان العاطفي..... بقلم/ الدكتور نعمان ال الشيخ

    avatar
    Admin
    Admin


    المساهمات : 134
    تاريخ التسجيل : 21/04/2020
    العمر : 49

    عمى الالوان العاطفي..... بقلم/ الدكتور نعمان ال الشيخ Empty عمى الالوان العاطفي..... بقلم/ الدكتور نعمان ال الشيخ

    مُساهمة من طرف Admin الإثنين يونيو 01, 2020 11:57 am


    العاطفة أمر فطري جبل الله تعالى الناس عليه، وقد تباينت أفعال الناس فيها تبايناً لا يحمد منه إلا نمط واحد، فبعضهم أفرط في نقدها والجرح بها متناسياً هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيها بطبيعته البشرية، وبعضهم أغرق فيها إغراقاً سلبياً أورث حياته صوراً من الضرر العاطفي لا تصح معها مسيرة بناء النفس وتربية الأجيال، والوسط في ذلك هو الأمر المحمود ،والعاطفة هي عبارة عن مجموعة من المشاعر والأحاسيس الجسدية إضافة إلى الوعي والإدراك والتي تعكس ردة فعل الشخص تجاه المواقف والأمور الحياتيّة التي يواجهها في يومه، وهي في الحقيقة تشمل مجموعة لامتناهية من الظواهر النفسية سواء كانت محدّدة تجاه حدث معيّن يرافقها بعض الانفعالات المرئية والواضحة للآخرين، أو تدفّق مفاجئ من المشاعر غير المرئية للآخرين، ولذا يستلزم التفرقة بين العاطفة والشعور ، أن العاطفة خلقها الله في الإنسان أصلاً، فقد خلق الله الإنسان يحمل مشاعر وعواطف من الحب والكره، ويتفق العقلاء من الناس على وصف فاقد العاطفة بأنه انسان غير سوي؛ فالإنسان الذي لا تتحرك مشاعره، فلا يرقُّ قلبه لمشهد يثير الرقة والعطف، ولا يملك مشاعر الحب تجاه الآخرين أو مشاعر الرفض تجاه من يُرفَض، الانسان الذي لا يمكن أن تتوقَّد في قلبه حماسة أيًّا كان الموقف، لاشك أنه انسان غير سوي فاقد للإحساس والعواطف لديه عمى الوان عاطفي، بل إن الناس يرون أن الانسان الذي لا يحس بالجمال، ولا يتذوق الجمال في هذه الدنيا، انسان غير سوي ، فهو وصف مخالف للفطرة السوية، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم(أبعد الناس من الله القلب القاسي)سنن الترمذي ، وحين جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورآه يقبِّل صغيراً،قال :تقبِّلون صغاركم ؟! قال صلى الله عليه وسلم "أوأملك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟"). إنه رجل شاذ بعواطفه، إنه رجل كما قال صلى الله عليه وسلم:"قد نُزعت من قلبه الرحمة" فصار تصرفه وصار سلوكه، سلوكاً غير مرضيٍّ، وسلوكاً مرفوضاً، يستنكر النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الصحابي رضوان الله عليه، أن لا يملك في قلبه الرحمة، والرقة والعاطفة تجاه هؤلاء الصبية الصغار، فصار لا يُقبِّل أحداً منهم ،ويروى انه جيء لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عام الرمادة بخبز مفتوت بسمن فدعا رجلًا بدويًّا ليأكل معه، فجعل البدوي يتبع باللقمة الودك في جانب الصفحة، فقال له عمر رضي الله عنه: كأنك مقفر من الودك، فقال البدوي: أجل، ما أكلت سمنًا ولا زيتًا، ولا رأيت أكلًا له منذ كذا وكذا إلى اليوم، فحلف عمر رضي الله عنه لا يذوق لحمًا ولا سمنًا حتى يحيا الناس، ولقد أجمع الرواة جميعًا أن عمر رضي الله عنه كان صارمًا في الوفاء بهذا القسم، ومن ذلك، أنه لما قدمت إلى السوق عكة سمن ووطب من لبن، فاشتراهما غلام لعمر بأربعين درهمًا ثم أتى عمر رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين قد أبر الله يمينك وعظم أجرك، وقدم السوق وطب من لبن وعكة من سمن ابتعتهما بأربعين درهمًا، فقال عمر رضي الله عنه: أغليت فتصدق بهما، فإني أكره أن آكل إسرافًا، ثم أردف قائلًا: كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسني ما مسهم، فهذه جملة واحدة في كلمات مضيئة، يوضح فيها الفاروق رضي الله عنه مبدأ من أروع المبادئ الكبرى التي يمكن أن تعرفها الإنسانية في فن الحكمSadكيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسني ما مسهم)،وعندما نقلب كتب السيرة نجد الكثير من هذه الامثلة وبكافة الجوانب ولكن لا يسعنا في هذا المقام الا ان نقول ان في زماننا اليوم قد فقدت الكثير من العواطف واصبح لدينا عمى الوان بها ونسينا او تناسينا وصايا الحبيب صلى الله عليه وسلم حيث يرشدنا بقوله(المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وشبك بين أصابعه)، وقوله صلى الله عليه وسلمSadلا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فهذا معناه لا يتم إيمانه ولا يكمل إيمانه الواجب إلا بهذا، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلمSadمثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) فجعل المسلمين شيئًا واحدًا، وجسدًا واحدًا، وبناءً واحدًا، فوجب عليهم أن يتراحموا، وأن يتعاطفوا، وأن يتناصحوا، وأن يتواصوا بالحق، وأن يعطف بعضهم على بعض، فالظروف التي نمر بها اثرت بشكل او باخر على المشاعر والعواطف الطيبة بين الناس لذلك كل منا بحاجة الى مراجعة نفسه ومشاعره وعواطفه التي يتعامل بها في مجتمعه .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 4:16 pm